مبدأ قانوني
وحيث أن ما قام به المتهم من أفعال مادية يوم الحادث والتي تمثلت بحضوره إلى منزل شقيقته المغدورة وسؤاله لها بعد دخوله المنزل عن زوجها وطلبه منها أن تعمل له القهوة وقيامه بعد ذلك بتناول الشاكوش الذي شاهده موضوع أسفل طاولة التلفزيون وإللحاق بها وبحوزته الشاكوش وضربه لها بقوة على مؤخرة رأسها بالشاكوش وهي داخل غرفة نومها وإقدامه بعد سقوطها على الأرض بخنقها بكلتا يديه وببلوزة أطفال إلى أن فارقت الحياة وقيامه بعد ذلك بربط قدميها بحبل البلاستيك وتغطيتها بواسطة شرشف.
هذه الأفعال تدل دلالة أكيدة وواضحة بأن نية المتهم إتجهت إلى إزهاق روح المغدورة والإجهاز عليها إلا أن نيته بقتل شقيقته المغدورة لم تكن مبيتة أو مصمماً عليها أو أن القتل حصل بعد تفكير هادىء وروية حيث أن العمد هو القصد المصمم عليه قبل الفعل لإرتكاب جنحة أو جناية يكون غرض المصر منها إيذاء شخص أو أي شخص غير معين وجده أو صادفه سواء كان ذلك القصد معلقاً على حدوث أمر وموقوفاً على شرط وبالتالي فإن القتل العمد هو تصور المرء في ذهنه فعل القتل وتصميمه عليه قبل إيقاعه وبمعنى آخر فهو تروي وتدبره قبل إقدامه على إرتكاب الفعل وتفكيره به تفكيراً هادئاً لا يشوبه إضطراب.
وعليه فإن عنصر العمد أو سبق الإصرار هو ظرف متعلق بالقصد ووصف من أوصافه فالعبرة أذن ليست بمرور فترة من الزمن طالت أو قصرت من مرحلة العزم ومرحلة التنفيذ وإنما العبرة هي في الهدوء والطمأنينة أي أن يكون الجاني قد وازن وهو هادىء البال بين ما للجريمة وما عليها ودبر أمرها في روية ثم نفذها بعد أن زال عنه تأثير الغضب وهو مطمئن إلى ما يفعل. وعليه فإن المتهم وبعد مشاهدته المغدورة قبل أن يقدم على قتلها أخذ يتذكر العشرين سنة الماضية والتي كانت فيها المغدورة تتصف بسلوك سيء كما تذكر وفاة والده وأنه على أثر ذلك فار دمه وعاودته فكرة قتلها حيث تناول الشاكوش الموجود داخل منزل المغدورة وإرتكب بعد ذلك جريمته حيث أن قول المتهم أنه صمت على قتلها في تلك اللحظة وبأنه تفوه هذه العبارة وهو في حالة غضب شديد نتيجة لما سمعهعن ششقيقته من أنها حامل من غير زوجها إذ لو كان المتهم مبيتاً النية ومصمماً على قتل شقيقته المغدورة لفعل ذلك مجرد وصوله ولما إنتظر بعد وصوله وكذلك لقتلها فور دخوله منزلها ولما إنتظر إلى أن إستفسر منها عن زوجها ولما تبادر لذهنه فكرة تسفيرها خارج البلاد وبدلاً من قتلها وأنه فعل ذلك وهو بحالة إضطراب ولم يكن بحالة هدوء وطمأنينة وصفاء ذهني وبالتالي فإن عناصر العمد المنصوص عليها في المادة 329 من قانون العقوبات غير متوفرة بفعل المتهم وبالتالي تكون أفعاله تشكل أركان وعناصر جناية القتل طبقاً للمادة 326 من قانون العقوبات.
راجع بذلك قرار محكمة التمييز الصادر عن الهيئة العادية رقم(1511/2005فصل2/10/2005).
g2005.1511