مبدأ قانوني
وحيث أن سبب وفاة المتوفي النزف الدموي الحديث لأحد الشرايين في قاع الجمجمة وقاع الدماغ وأنه لا يوجد في جسم المتوفي أسباب أخرى من الممكن أن تؤدي إلى الوفاة وبأن السحجة الناتجة عن إرتطام ماسورة الحديد التي قذفها عليه المطعون ضده مازحاً قبل عشرة أيام برقبته تحت الأذن اليسرى كانت شافية ولا يمكن أن تكون سبب الوفاة أو تؤدي إليها.
ويتضح بشكل قاطع أن الأفعال التي أقدم عليه المتهم المتمثلة في رميه مازحاً ماسورة حديد على المتوفي قبل عشرة أيام من وفاته وإصابته في رقبته تحت الأذن اليسرى والتي لم ينتج عنها سوى سحجة تبين أنها شافية عند الكشف عليه يوم وفاته لم تكن سبباً مباشراً او مستقلاً لوفاته أو محركاً للنزف الدموي لأحد الشرايين في قاع الدماغ الذي تسبب في وفاته وذلك لأن المادة 345 من قانون العقوبات تنص على:
إذا كان الموت أو الإيذاء المرتكبان عن قصد نتيجة أسباب متقدمة جهلها الفاعل وكانت مستقلة عن فعله ، أو لإنضمام سبب منفصل عن فعله تماماً عوقب كما ياتي : ١ .بالأشغال الشاقة مدة لا تقل عن عشر سنوات إذا كان فعله يستلزم عقوبة الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة . ٢ .بتخفيض أية عقوبة مؤقتة أخرى حتى نصفها إذا كان فعله يستلزم عقوبة غير الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤقته.
وحيث أن هناك ثلاثة إتجاهات في السببية:1-إتجاه السببية المباشرة ومفاده أن لا يسأل الجاني عن النتيجة التي حصلت إلا إذا كانت متصلة إتصالاً مباشراً بفعله أو بعبارة أخرى يجب أن تكون النتيجة قد حدثت من فعل الجاني.2-تعادل الأسباب ومقتضاه أن جميع العوامل تتضافر في إحداث نتيجة مايتبقى ان تعد متعادلة ومسؤولة بالتالي على قدم المساواة عن حدوثها فكل منها يعد شرطاً لحدوثها أي أن الجاني يسأل طبقاً لهذه النظرية عن النتيجة النهائية لإعتدائه متى كان هذا الإعتداء هو السبب المحرك لعوامل أخرى مهما كانت شاذه غير متوقعة ولا يسأل عن هذه النتيجة متى كان من المؤكد أنها ستحدث حتى لو لم يقع الإعتداء.
3-ومفادها أن يسأل الجاني عن النتائج المحتملة أو المألوفة لفعله أي تلك التي تحصل بحسب المجري العادي للأمور ولو لم يكن وصفها بأنها مباشرة أو محققة لهذا الفعل ويعتبر الجاني سبباً مناسباً أو ملائماً للنتيجة التي حصلت إذا كان كافياً بذاته في حصولها مادامت ظروف الحال تنبىء بأنه توقعها وبصرف النظر عن العوامل الأجنبية التي تكون قد توسطت بين فعله والنتيجة النهائية سواء كانت سابقة لفعله أو معاصرة أم لاحقة وخلاصة ذلك أنه متى إشترك عاملان أو أكثر في إحداث النتيجة النهائية وكان أحد العاملين مألوفاً أو منتجاً يصلح في العادة لإحداث مثل هذه النتيجة والآخر عارضاً أو غير مألوف لا يصلح بحسب طبيعته لإحداثها في المعتاد حتى وأن إشترك في إحداثها أحياناً لظروف شاذه فإنه ينبغي إستبعاد العامل العارض وإستبعاد العامل المنتج لها في المألوف من الأمور بإعتباره مسؤولاً عنها.
وحيث أن إجتهاد محكمة التمييز قد أخذ بإتجاه تعادل الأسباب بمعنى أنه يجب أن يكون هناك رابطة سببية بين فعل الجاني وبين الأسباب والعوامل الأخرى التي يجهلها الفاعل والتي أدت إلى الوفاة وبحيث لا يسأل عن هذه النتيجة متى كان من المؤكد أنها ستحدث حتى ولو لم يقع الإعتداء.
وحيث أنه لا يوجد رابطة سببية بين فعل المتهم وبين الأسباب الأخرى التي يجهلها والتي أدت إلى وفاة المتوفى وهي سقوطه في حمام منزله وحصول نزيف شرياني في قاع الجمجمة وقاع الدماغ وأنه من المؤكد أن هذا السبب كان السبب الوحيد لحدوث الوفاة وأن الوفاة ستحدث نتيجة لذلك حتى ولو لم يقع فعل المتهم وينبني عليه أن المتهم لا يسأل عن الوفاة وإنما يسأل فقط عما يشكل فعله من جرائم.
وحيث أن محكمة الجنايات الكبرى ذهبت إلى ذلك وعدلت التهمة المسندة للمتهم من جناية القتل بحدود المادة 326 من قانون العقوبات إلى جنحة الإيذاء طبقاً للمادة 334 من قانون العقوبات ومعاقبته عن هذه الجنحة فإنه حكم واقع في محله ومتفق وأحكام القانون.
راجع بذلك قرار محكمة التمييز الصادر عن الهيئة العادية رقم(1558/2006فصل13/3/2007).
g2006-1558