مبدأ قانوني
وحيث أن المادة 329 من قانون العقوبات قد عرفت الظرف المشدد لجريمة القتل القصد وهو سبق الإصرار بأنه القصد المصمم عليه قبل الفعل لإرتكاب جنحة أو جناية يكون غرض المصر منها إيذاء شخص معين أو أي شخص غير معين وجده أو صادفه ولو كان ذلك القصد معلقاً على حدوث أمر أو موقوفاً على شرط وعليه فإن هذا الظرف يشترط توافر عنصرين في فعل الجاني:
عنصر زمني يتمثل بمرور فترة زمنية كافية بين عزم الجاني على إرتكاب جريمته وبين قيامه في تنفيذها وعنصر نفسي ويتمثل بإقدام الجاني على إرتكاب جريمته بعد هدوء وترو وهو هادىء البال مطمئن النفس بعد أن يكون قد رتب وسائل الجريمة وتدبر عواقبها ثم أقدم عليها دون إضطراب وتردد أو إنفعال.
وأن هذا الظرف المشدد لجريمة القتل القصد (سبق الإصرار والترصد) يتميز عن غيره من جرائم التعدي على النفس بأركان مادية ومعنوية تشتكل على عناصر خاصة وهي تفكير الجاني بالجرم ثم التصميم على أرتكابه ثم مراقبة المجني عليه وأختيار الوقت الملائم ثم هدوء البال ثم التنفيذ ومن حيث الوصول إلى ذلك فإنه يتوجب التأكيد على كل عنصر من هذه العناصر بدليل مؤيد ومتساند مع باقي الأدلة والعناصر الأخرى ليصبح وقوع القتل بطريق العمد.
ومن حيث أن العمد في ركنه المعنوي هو أمر داخلي يبطنه الجاني ويضمره في نفسه فلا يستطاع إلى إستخلاصه إلا بما ينكشف من قصد الجاني من وقائع خارجية تتوصل إليها المحكمة من ظرف الدعوى وعناصرها .
وحيث أنه لم يرد في أدلة الدعوى ما يثبت أن المتهم قد خطط لقتل المغدورة وصمم عليه ولم يعد الوسائل لذلك بدليل أن المتهم يقيم مع المغدورة في نفس المنزل وأن المغدورة وقبل أن تذهب للنوم أحضرت له عشاء وأن الأداة التي إستخدمها في القتل (السكين) هي من أدوات البيت لم تكن معدة من قبل المتهم مسبقاً.
كما وأن الخلاف بين المتهم والمجني عليها هو خلاف دائم ومستمر حول لبس المغدورة النقاب وعملها كمحامية ويدلل ذلك على أن نية المتهم لقتل المغدورة لم تكن مبيتة وإنما كان وليدة لحظتها وكون المغدورة كانت نائمة عندما أقدم المتهم على قتلها وطعنه لها طعنات متعددة في صدرها وهي أماكن قاتلة لا يمكن أن يستدل منه على سبق الإصرار والترصد أو أن النية مبيتة بل على وحشية القاتل ودرجة إجرامه وإستغلاله لنومها.
ولذلك فإن إسبتعاد المحكمة للظرف المشدد (سبق الإصرار)يكون في محله.
راجع بذلك قرار محكمة التمييز الصادر عن الهيئة العادية رقم(565/2010فصل1/9/2010).
g2010-565