مبدأ قانوني
وحيث أن جريمة القتل العمد المنصوص عليها بالمادة 328 من قانون العقوبات هي الجريمة التي ترتكب مع سبق الإصرار.
وحيث أن الإصرار المسبق هو القصد المصمم عليه قبل الفعل كما أن عنصر سبق الإصرار يتطلب أن يكون الجاني قد فكر فيما عزم عليه ورتب الوسائل وتدبر العواقب وهو هادىء البال مطمئن النفس فإذا لم يتيسر له التدبير والتفكير وإرتكب جريمته وهو تحت تأثير العنف والهياج فلا يكون سبق الإصرار متوفراً.
وحيث أن سبق الإصرار حالة ذهنية لا يشاهدها أحد ولكن تستخلص من ظروف الدعوى وعناصرها وأن يكون هذا الإستخلاص لا يتنافى عقلاً مع الإستنتاج.
وحيث أن تقدير الظروف التي يستفاد منها سبق الإصرار في جريمة القتل العمد هو مسألة موضوعية يعود الفصل فيها إلى محكمة الموضوع ولا تخضع لرقابة محكمة التمييز إلا ضمن ضوابط تستطيع التصدي لجانب الوقائع في نطاق معين هو الرقابة على كفاية الأسباب الواقعية والرقابة على صحة إقتناع المحكمة من حيث إعتمادها مصادر الإقناع.
وحيث أن هناك مهرفة سابقة بين المتهم والمغدور بصفتهما طالبين ويدرسان في نفس التخصص وأنهما سبق لهما أن سكنا معاً قبل تخرج المتهم من الجامعة وأن المتهم كان يساعد المغدور في دراسته ومشاريعه الدراسية وبعد تخرج المتهم من الجامعة وبتاريخ الحادث تعارف المتهم بالمجني عليه بالجامعة فعرض المتهم على المجني عليه بأنه يعمل على تصوير فيلم خاص سيدر عليهما أموالاً لذلك طلب منه إحضار كاميرا تصوير لفيديو لغاية تصوير منطقة حرجية وذهب المجني عليه واستأجر كاميرا وكانت بدون بطارية بعد أن هاتف المتهم ووافق على ذلك ولحق بالمتهم الذي كان ينتظره في مجمع السفريات ولدى وصولهما نزلا من الباص وتوجه المتهم إلى محل التصوير العائد لشخص آخر وطلب منه بطارية للكاميرا وأخذها وأخبره المتهم بأن هذه الكاميرا إلي سيبيعها له ولدى وصول المتهم والمغدور إلى الوادي أخذ بالتصوير ووقف على صخرة مرتفعة بينما كان المجني عليه أسفل منه بحوالي مترين ونتيجة لحديث جرى بين الطرفين ممازحة إمسك المتهم حجراً ورماه على المجني عليه لكن الحجر أصاب وجه المجني عليه وسقط على الأرض وذهب المتهم إليه فما كان من المجني عليه إلا أن أخذ يضرب المتهم ويقول له بدك تقتلني وحصل تماسك بينهما وأخذ كل منهما بضرب الآخر إلا أن المتهم تمكن من ضرب المجني عليه على رأسه ووجهه حتى كسر أسنانه وفكه وتركه مرمياً على الأرض وهرب بعد أن شلح قميصه الذي تلوث بالدماء وأخذ الكاميرا وهرب واشترى بالطريق من راعي أغنام بلوزته وتوجه إلى محل التصوير وباعه الكاميرا بمبلغ 210 دنانير وقد تم إكتشاف الجثة وجرت الملاحقة وإعترف المتهم بقتله للمجني عليه.
وعليه فإن هذه الأفعال التي أقدم عليها المتهم فإنه لا يوجد فيها ما يدل على أن نية المتهم كانت مبيتة كانت مبيتة وأنه أقدم على فعلته هذه عن سابق تصور وتصميم وأن أخذ بطارية الكاميرا من محل الشخص المذكور وقوله له هذه هي الكاميرا التي يبيعها له لا تدل على أن المتهم بيت النية لقتل المغدور وحيث أن القول بأن المتهم كان مديناً للمغدور بمبلغ 350 دينارا فإنه لم يكن سبباً يدعو المتهم لقتل المغدور من أجل هذا الدين وليس هذا المبلغ بالمبلغ الكبير الذي يدعو المتهم لقتل رفيقه من أجله.
وحيث أن المتهم لم يفكر بالتفكير الهادىء لإرتكاب جريمته ولم يقم بإحضار أية وسيلة من أجل تنفيذ الجريمة لذلك فإن عنصر سبق الإصرار يكون قد تخلف وتكون الجريمة والحالة هذه حصلت نتيجة المشاجرة بينهما ونية القتل آنية تولدت أثر وقوع المشاجرة وتنطبق وأحكام المادة 326 من قانون العقوبات.
وحيث أن محكمة الجنايات الكبرى توصلت لخلاف ذلك فإن قرارها في غير محله.
راجع بذلك قرار محكمة التمييز الصادر عن الهيئة العادية رقم(846/2007فصل16/9/2007).
g2007-846